متابعة ؛ محمد الصفى
اعتبارا لما حققته جمعيات النقل المدرسي عبر ربوع المملكة كونها أضحت جسرا قويا و منيعا ضد الهدر المدرسي بالعالم القروي ، و دعامة أساسية أعطت دينامية فاعلة لقطاع التربية و التكوين و للنسيج الاجتماعي، بعد سلسلة من الانقطاعات التي شهدها قطاع التربية الوطنية خاصة بالسلك الإعدادي ، سيما في صفوف الإناث ، بعد اجتياز المرحلة الابتدائية، إذ عمل على حل إشكالية بُعد المؤسسات التعليمية عن مساكن التلميذات والتلاميذ، وتذليل الصعاب الاقتصادية والجغرافية التي تواجههم. و حتى نكون أقرب إلى هذه التجربة التي تعد رائدة في مجال النقل المدرسي، ارتأينا أن يكون نموذجنا من إقليم الجديدة و بالضبط من جماعة مولاي عبد الله ، من خلال فيدرالية جمعيات مولاي عبد الله التي أضحت نموذجا يقتدى به على المستوى الوطني بعد مرور إحدى عشر سنة على تأسيسها ، حيث عملت على تخفيف عبء التنقل على التلاميذ التابعين لدواوير الجماعة و كذا جماعات أخرى من قبيل الحوزية و اولاد حسين و كذا سيدي عابد وولاد حسين ، سواء بالتنقل إلى مركز مولاي عبد الله أو إلى الجديدة من خلال توفير 65 حافلة نقل آمنة و مريحة للتلاميذ ، يستفيد منها قرابة 7400 تلميذة و تلميذ، تشكل فيهم نسبة الفتيات نحو 70 في المائة، يسهر عليهم طاقم متكون من 200 عامل ، من خلال التسيير و ضبط كل صغيرة و كبيرة كخلية نحل، مساهمة بذلك في توفير فرص شغل لشباب المنطقة و تحقيق تنمية شاملة بإمكانات متواضعة لا تتعدى دعمي كل من جماعة مولاي عبد الله و جماعة الحوزية ، و اللتان لولاهما لتوقف هذا المشروع النموذجي ، مما أصبح الأمر يستدعي توفير موارد مالية إضافية بتدخل عدد من الشركاء لدعم هذه التجربة التي حققت نجاحا باهرا على المستوى الإقليمي و الجهوي و الوطني.
إلى جانب هذا و بعيدا عن غوغائية بعض أعداء النجاح و محاولة تبخيس عملهم، فقد انخرطت الفيدرالية في عدد من المشاريع التنموية الاجتماعية و التربوية من قبيل دعم التعليم الأولي بعدد من المؤسسات التعليمية حيث فاق 2000 مستفيد خلال الأربع سنوات الأخيرة ، و في ظل البرنامج الوطني أوراش و تخفيفا من أزمة البطالة و العطالة لمن تأثروا بجائحة كوفيد، بشراكة مع المجلس الاقليمي لعمالة الجديدة و المديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية بالجديدة، فقد عملت الفيدرالية على تخصيص مشروعها للمؤسسات التعليمية من خلال تأهيل عدد منها بفضل البرنامج المسطر و الهادف إلى صيانة عدد من المؤسسات، من خلال تسويرها و تسقيف عدد من الحجرات الدراسية إلى جانب إصلاح و بناء المرافق الصحية خاصة بالمجال القروي و إنشاء ملاعب رياضية و ترصيف جنباتها ، الأمر الذي استحسنته مجموعة من رؤساء جمعيات الآباء و الأمهات بالجماعة ، يقول السيد نور الدين بشاك ” المبادرة التي اتخدتها فيدرالية جمعيات مولاي عبد الله من خلال برنامج أوراش كان له الوقع الطيب على مجموعة من المؤسسات التي كانت في حاجة ماسة للصيانة و التجهيز و هذا ليس بغريب عليها فمنذ عشر سنوات و نحن نحس انها الشريك الأول و القريب منا ” فيما يقول السيد المصطفى البهجاوي ” نشكر من كل قلبنا العمل الجبار الذي تقوم به الفيدرالية حيث حسنت من وجه مؤسستنا من خلال إنشاء ملعب لكرة القدم وصيانة المرافق الصحية و عدد من الممرات ” هذا دون نسيان الدور الذي لعبته الفيدرالية من خلال تزويد عدد من المؤسسات التعلمية بالماء الصالح للشرب والكهرباء محققة بذلك نسبة 100% و صيانة أخرى و تشغيل حراس أمن و النظافة بها ، والمساهمة في إحداث مؤسسات تعليمية جديدة وبناء حجرات دراسية ببعضها .
و غير بعيد عما تم إنجازه خلال الإحدى عشر سنة للفيدرالية، من حديقة لألعاب الأطفال و إعادة تأهيل دار الشباب و النادي النسوي ليعود نبض الحياة إليهما مجددا، بفضل الشراكات التي تجمعها مع شركائها من قبيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالجديدة ووزارة الشباب و الرياضة و مندوبية التعاون الوطني بالجديدة و المكتب الشريف للفوسفاط ،ـ نقف عند الحدث الذي كان له الوقع الأكبر في الإقليم ، إنها دار الطالبة التي تم افتتاحها سنة 2016 من قبل عامل الإقليم السابق معاد الجامعي في إطار شراكة مع المجلس الاقليمي و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و مديرية التربية الوطنية بالجديدة و مجلس جماعة مولاي عبد الله ، لتعتلي بعد ذلك صدارة دور الطالبة على المستوى الوطني و تنال ثقة الشركاء و المدعمين من خلال ما تتوفر عليه من خدمات لفائدة رائداتها البالغ عددهن 185 تلميذة ينتمون لكل من جماعة مولاي عبد الله والحوزية و اولاد حسين و اولاد عيسى ، يحضين بمتابعة تربوية و تعليمية من خلال الدعم المدرسي مما جعلهن يتبوأن المراتب الأولى على الصعيد الاقليمي ، هذه الثقة التي نالتها من قبل لجن إقلمية و جهوية ساهمت في إحداث ملحقة لهذه الدار بسعة 100 سرير بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و جمعية دار الطالبة التي أنجزت الدراسة التقنية إلى جانب التجهيز ، سترى النور بدءا من الأسابيع القليلة القادمة.
و اعتبارا لكل هذه المشاريع سواء المنجزة منها أو التي لازالت في طور الإنجاز و التي تعتبر نقطة إيجابية خلال مسيرة إحدى عشر سنة لفيدرالية جمعيات مولاي عبد الله التي ينضوي تحت لوائها ما يفوق الثلاثين جمعية ، نأمل أن تحدو عدد من الجمعيات التي تعمل في مجالات مختلفة عبر ربوع المملكة حدوها بالتكتل و توحيد البرامج من خلال فيدراليات من شأنها أن تحقق ما قد عجزت عنه مؤسسات عمومية أو شركات متخصصة ، سيما في العالم القروي كما هو الشأن من خلال فيدرالية جمعيات مولاي عبد الله التي ساهمت في توسيع العرض المدرسي بجماعة مولاي عبد الله وتقريب المؤسسات التعليمية من مقر سكنى التلاميذ مع الحد من الضغط والاكتظاظ الذي تشهده المؤسسات ، مما ساهم في القضاء نسبيا على ظاهرة الهدر المدرسي، و المساهمة إلى جانب شركائها في عدد من المشاريع التي عادت و تعود على الساكنة بالنفع ، و رغم كل هذه الخدمات ذات الأبعاد الاجتماعية فما زالت مثل هذه المبادرات في حاجة للدعم مع ضرورة حمل و إشراك الخواص و المستثمرين بالإقليم على المساهمة في هذا القطاع مع تبسيط المساطر الإدارية ، بدل محاولة خلق الفتنة و الضرب في مجهودات أشخاص كرسوا حياتهم لما فيه مصلحة للمواطن و بخاصة للفئات الهشة بالعالم القروي.